يبحث المرء عن السلام النفسي في كل خطوة يخطوها من حياته لأن حالته النفسية أحد أهم العوامل المؤثرة في حياته وصحته بشكل عام؛ بل إن صحته النفسية تؤثر على البدنية والعكس ليس صحيحاً دائما؛ وقد زاد البحث مؤخراً عن علاج الوسواس القهري نهائياً لأنه أحد أبرز المشكلات النفسية وأكثرها شيوعاً وهو كفيل بتدمير حياة المصابين به تماماً لذا كان البحث عن علاج له على رأس أولويات الطب النفسي، فما هو الوسواس القهري؟ وما هي أعراضه؟ وهل له أنواع؟ والسؤال الأهم: هل مرض الوسواس القهري يشفى؟
هذا ما سنتطرق إليه في هذا المقال.
ما هو الوسواس القهري؟
هو اضطراب نفسي ناتج غالباً عن القلق المفرط ويتميز بأفكاره الغير منطقية ويترتب على هذه الأفكار تصرفات إجبارية يفعلها المريض رغماً عنه وقد تتسبب في إهدار الكثير من وقته وإحداث خلل في نظام حياته أو تعوق أدائه للمهام اليومية الضرورية.
لماذا يصاب الإنسان بالوسواس القهري؟
كعادة معظم أمراض هذا العصر وخاصة الاضطرابات النفسية الوسواس القهري ليس له سبب محدد وأكيد، لكن هناك بعض النظريات حول العوامل المحتملة المسببة لاضطراب الوسواس القهري منها:
- العوامل الجينية: وهذا ليس حال هذا المرض بعينه فقط، فكما الأمراض الجسدية قد تكون موروثة النفسية كذلك يمكن أن تكون موروثة.
- العوامل البيولوجية: المقصود هنا هو كيمياء الجسد خاصة المخ، فأي تغير في كيمياء المخ يمكن أن يؤثر على أداء الدماغ مما قد يؤدي إلى اضطراب ما بالجسد سواء نفسي أو جسدي.
- عوامل بيئية: قد تتسبب العدوى أو الالتهابات أو غيرها من العوامل البيئية في الإصابة باضطراب الوسواس القهري.
ماذا يفعل الوسواس القهري بالإنسان؟
تتفاوت حدة المرض فهل يمكن علاج الوسواس القهري نهائياً، وبالتالي حدة الأعراض التي يعانيها المريض من شخص لأخر تبعاً لعدة عوامل منها تعامل الناس من حوله ودعمهم له، ولا تقتصر أعراضه على التصرفات -القهرية- المرئية لنا فحسب، بل هناك جانب فكري كفيل بأن يفتك بالمريض ومن أكثر الخواطر الوسواسية انتشاراً:
- الحرص الشديد على النظافة والخوف من الاتساخ أو الإصابة بأي مرض.
- الخوف من الخطأ أو الفشل أو التعرض للإحراج.
- الخوف من التسبب بالضرر لنفسه أو للأخرين.
أما عن أبرز السلوكيات القهرية فهي تشمل ما يلي:
- تكرار التحقق من الأمور والمهام بشكل مفرط والشعور بالحاجة للقيام بنفس المهام مراراً (كالوضوء والصلاة).
- الامتناع عن الكثير مما يلزم المرء في حياته اليومية كإمساك مقبض الباب مثلا أو مصافحة أحدهم أو إمساك شئ ليس ملكاً خاصاً لك كقلم مثلا.
- غسل اليدين بشكل متكرر أو الإفراط في الاستحمام.
- الحرص على جمع أشياء ليست ذات قيمة و الاحتفاظ بها.
ربما يفيدك معرفة: ما هو اضطراب طيف التوحد؟
هل الوسواس القهري يستمر مدى الحياة؟
من يعاني من مثل هذا الاضطراب القادر على إفساد حياة مصابيه لا يسعه إلا أن يتساءل هل يمكن الشفاء من مرض الوسواس القهري نهائيا؟ للأسف الوسواس القهري يعد من الاضطرابات الملازمة للمرء مدى الحياة، لذا لا تحاول كثيراً أن تفكر كيف أخرج الوسواس من رأسي؟ أو تفرط في التساؤل: متى ينتهي الوسواس القهري؟
لا داعي لأن تزيد العبء على كاهلك بالتفكير في هكذا أمور، فلم يتوصل العلم لها بعد لكن هذا لا يعني أن معاناتك ستستمر فهناك علاج يساهم وبقوة في السيطرة على أعراض الوسواس القهري الشديد ويعينك على ممارسة أنشطتك ومتابعة حياتك بشكل طبيعي.
علاج الوسواس القهري نهائياً
يتمنى الجميع أن يتوصل الطب لعلاج الوسواس القهري نهائياً لينتهي بذلك كابوس الوسواس القهري الفكري والخوف، لكن في الوقت الحالي يتمثل العلاج في شيئين قد تحتاج أحدهما دون الأخر وقد تحتاجهما معاً حسب تقييم المعالج لحالتك وهما:
- العلاج النفسي
- العلاج الدوائي
علاج الوسواس القهري الديني
هذا ليس نوعاً منفصلا من الوسواس، لذا علاجه يتبع العلاج المعتاد للوسواس بالإضافة إلى ما أخبرنا به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم والذي لا يعالج فقط بل يقي الإنسان من الاسترسال في الوسوسة إلى أن يصل إلى مرحلة القهرية؛ ويجب على المرء ألا يسترسل مع الأفكار والشكوك التي تأتيه بل يتعلق برحمة ربه ويقاوم وساوسه.
علاج الوسواس القهري معقد للغاية وغير مضمون النتائج وقد يستغرق وقتاً يصل إلى مدى الحياة، لذا دع عنك تساؤلات تافهة مثل علاج الوسواس القهري في البيت، أو التخلص من الوسواس القهري في ثلاثة أيام!
هذا ضرب من الخيال، تشخيص الأمراض النفسية مقعد من الأساس فكيف بالعلاج الذي لا يتأثر بالحالة المتواجد عليها المريض فقط بل أيضاً بتفضيلاته الشخصية والبيئة التي يتواجد فيها والظروف المحيطة، فلا تزد من التساؤلات المضنية وتجهد نفسك بالتفكير في أمور لا طائل منها بل تضيف إلى مخاوفك واحداً جديدًا في حين أن الأولى لك أن تحث الخطى نحو الطبيب لتشخيص حالتك واتخاذ الإجراءات اللازمة للسيطرة على المرض وإعادة زمام الأمور إلى يدك أنت مجدداً.
نتمنى أن نرى نهاية الوسواس القهري وأقرانه في القريب العاجل، وحتى ذلك الحين يجب أن نستغل المتاح ولا نترك أنفسنا للمخاوف والأوهام لتفسد علينا ديننا ودنيانا؛ مع العلم أنه يجب التفرقة بين شخص يحب إتمام الأمور على أفضل وجه وبين أخر لا يستطيع تمالك نفسه عن أفعال معينة، أي أننا لا نستطيع الحكم على كل من يهتم بالنظافة أو يفرط في غسل يده أو يتقزز من أشياء قد تبدو لنا عادية بأنه موسوس بل لا بد من تشخيص طبيب مختص.
بعض المصادر:
لا يوجد تعليقات