يُمثّل التوحد طيفًا واسعًا من التجارب الإنسانية، إن التعامل مع الأشخاص المصابون بالتوجد والتواصل معهم رحلة تتطلب الصبر والإدراك، في عالم يتزايد فيه التواصل الرقمي، تظهر أهمية المعرفة بالتوحد أكثر من أي وقت مضى، ليس فقط لتوفير الدعم اللازم للأفراد المصابين، بل أيضًا لرفع مستوى الوعي والقبول في المجتمع، دعونا نستكشف معًا تفاصيل هذا الاضطراب، وفهم علامات وأعراض التوحد، وأنواع التوحد، وكيف يمكن لكل منا أن يساهم في جعل العالم مكاناً آمنًا وأكثر شمولية للجميع.
ما هو التوحد؟
التوحد، هو حالة فريدة تنتمي إلى عالم الاضطرابات النمائية، يُطلق عليه اضطراب طيف التوحد (ASD) وهو يؤثر في المقام الأول على مهارات التواصل الاجتماعي، فضلًا عن السلوكيات والاهتمامات، يعبر التوحد عن مجموعة واسعة من الأعراض والتحديات التي تظهر في مراحل مختلفة من النمو، مما يجعل من المهم فهم أنواعه وأعراضه المختلفة.
أنواع التوحد واعراضه
تشمل علامات أو أعراض اضطراب طيف التوحد الشائعة ما يلي:
- تجنب الاتصال البصري المباشر.
- التحدث بصورة محدودة أو صعوبة التواصل بالكلمات.
- الانزعاج من التغييرات الطفيفة في الروتين.
- عدم التعاطف مع الأطفال الآخرين أو مقدمي الرعاية.
- صعوبة تكوين صداقات.
- الإصابة باضطرابات مصاحبة مثل اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط، أو اضطراب الوسواس القهري، أو القلق أو الاكتئاب، أو اضطراب السلوك.
اقرأ أيضًا: أبرز اعراض فرط الحركة عند الاطفال
ما هي أنواع التوحد؟
كان يُشخَّص التوحد سابقًا بناءً على خمسة أنواع فرعية، كانت تستخدم للتمييز بين اضطرابات النمو المرتبطة بالتوحد، يساعد استكشاف التصنيفات القديمة في توفير فهم أفضل لاضطراب طيف التوحد وسيساعدك في التعامل مع تشخيص اضطراب طيف التوحد وهي نفس أنواع التوحد للكبار، والأنواع القديمة هي:
1- متلازمة أسبرجر:
كان مصطلح متلازمة أسبرجر هو المصطلح المستخدم قبل عام 2013، ولكن الآن تم إعادة تصنيفه على أنه اضطراب طيف التوحد من المستوى الأول، قد يكون الشخص المصاب بمتلازمة أسبرجر ذكيًا جدًا وقادرًا على التعامل مع حياته اليومية، قد يُركّز حقًا على الموضوعات التي تهمه ويناقشها بلا توقف، لكنه يعاني من صعوبات في التواصل الاجتماعي.
2- اضطراب التوحد التقليدي:
يبدو الأطفال المصابون بمتلازمة كانر (التوحد التقليدي أو الكلاسيكي) أذكياء ومنتبهين وذوي مهارات، مع السمات الأساسية للاضطراب مثل: عدم القدرة على تكوين روابط عاطفية مع الناس، والتحدث بكلام لا يمكن السيطرة عليه، وهوس بالتعامل مع الأشياء، وصعوبات في التواصل والتفاعل الشخصي، مع مستوى عالٍ من الذاكرة الروتينية ومهارات الرؤية المكانية على الرغم من وجود مشكلات تعلم كبيرة في مجالات أخرى.
3- اضطراب النمو الشامل غير المحدد (PDD-NOS):
يُستخدم لوصف حالة تظهر فيها أعراض التوحد، ولكن لم يتم تحديد كل معايير التوحد الكلاسيكي أو متلازمة أسبرجر.
4- اضطراب الطفولي التحلُّلى (CDD):
المعروف أيضًا باسم متلازمة هيلر، هو حالة نادرة يتطور الطفل فيها بصورة طبيعية لمدة ثلاث سنوات تقريبًا ولكنه يعاني بعد ذلك من تراجع كبير في مهارات مختلفة، بما في ذلك اللغة والقدرات الحركية على مدى أشهر، تُصنّف هذه الحالة ضمن الذهان التفككي (التحلُّلي) ويمكن أن تؤدي إلى إعاقات نمو شديدة.
5- متلازمة ريت:
غالبًا ما يكون لدى الأطفال المصابين بمتلازمة ريت سلوكيات مشابهة لسلوكيات التوحد وأعراض تشبه التوحد، وكان الخبراء يصنفونها ضمن اضطرابات طيف التوحد، ولكن الآن بعد أن أصبح معروفًا أنها ناجمة عن طفرة جينية، لم تعد من اضطرابات طيف التوحد.
ولكن دُمجت هذه الأنواع مؤخرًا تحت مسمى “اضطراب طيف التوحد” (ASD). والآن يُصنّف التوحد كفئة واحدة تشمل ثلاثة مستويات مختلفة من الشدة.
اقرأ أيضًا: داي بيو لعلاج أعراض متلازمة ريت Rett syndrome
مستويات التوحد
يتم تصنيف التوحد إلى ثلاثة مستويات مميزة، وفقًا للدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية الطبعة الخامسة (DSM-5)، يُعد هذا الدليل هو المصدر القياسي المستخدم لتشخيص الاضطرابات العقلية من قبل المتخصصين في الرعاية الصحية في الولايات المتحدة، يُصنّف التوحد وفقًا للدليل (DSM-5) كما يلي:
اضطراب طيف التوحد من المستوى الأول:
- الأفراد في هذا المستوى يحتاجون إلى دعم قليل.
- قد يعانون من صعوبات طفيفة في التفاعل الاجتماعي والتواصل.
- يمكنهم غالبًا إجراء المحادثات وتكوين العلاقات، ولكن قد يظهرون سلوكيات تكرارية أو اهتمامات محدودة، ويُعد هذا المستوى من أنواع التوحد الخفيف.
اضطراب طيف التوحد من المستوى الثاني:
- يحتاج الأفراد في هذا المستوى إلى دعم أكثر وضوحًا.
- تظهر لديهم صعوبات ملحوظة في التواصل الاجتماعي، وقد يواجهون تحديات أكبر في التفاعل مع الآخرين.
- قد تكون سلوكياتهم التكرارية أكثر وضوحًا، ويحتاجون إلى مساعدة إضافية في الأنشطة اليومية.
اضطراب طيف التوحد من المستوى الثالث:
- يحتاج الأفراد في هذا المستوى إلى دعم كبير.
- يعانون من صعوبات شديدة في التفاعل الاجتماعي والتواصل، وقد يكون لديهم سلوكيات تكرارية ملحوظة.
- غالبًا ما يعتمد هؤلاء الأفراد بصورة كبيرة على الآخرين في الحياة اليومية، وقد يواجهون تحديات كبيرة في التكيُّف مع المواقف الاجتماعية.
اقرأ أيضًا: ما هي أعراض فرط الحركة
تشخيص مرض التوحد
قد يكون تشخيص أسباب التوحد صعبًا لأنه لا يوجد اختبار أو فحص طبي، مثل فحص الدم، للقيام بذلك، ولتحديد التشخيص يفحص الأطباء التاريخ التنموي وسلوك الطفل.
يمكن أحيانًا التعرف على اضطراب طيف التوحد لدى الأطفال في وقت مبكر يصل إلى 18 شهرًا، ومع ذلك في العديد من الأطفال، قد لا يتم التشخيص حتى بلوغهم سن الرشد.
وبسبب هذا التأخير، قد لا يتلقى الأطفال المصابون باضطراب طيف التوحد التدخل المبكر اللازم.
هل يمكن علاج التوحد؟
- ما هي أنواع التوحد؟
لا يوجد علاج واضح لاضطراب طيف التوحد، يعتمد علاج اضطراب طيف التوحد على أعراض كل فرد، قد تشمل خيارات علاج اضطراب طيف التوحد ما يلي:
العلاج السلوكي والتواصلي:
تعمل هذه البرامج على تثقيف الأطفال حول كيفية التصرف وتحسين مهارات التواصل، قد يعمل نظام الحوافز القائم على المكافأة (تحليل السلوك التطبيقي) على تحسين قدرات التعلم وتطبيق هذه المهارات في بيئات مختلفة.
العلاج التعليمي:
قد تعمل البرامج التعليمية المنظمة للغاية على تحسين المهارات الاجتماعية والتواصل والسلوك، أظهر الأطفال الذين تلقوا مثل هذه البرامج في مرحلة ما قبل المدرسة نتائج جيدة.
العلاج الأسري:
يُنصح أفراد الأسرة باتخاذ مبادرة للتفاعل مع الأطفال وتعليمهم المهارات الاجتماعية والانضباط والحياة اليومية والتواصل.
علاجات أخرى:
يمكن لطبيب نفساني أن ينصحك بكيفية التعامل، قد يعمل علاج النطق والعلاج الطبيعي على تحسين مهارات التواصل وتحسين الحركة التي تساعد في الحياة اليومية.
الأدوية:
لا يوجد دواء لعلاج اضطراب طيف التوحد، ومع ذلك قد يُعطى الطفل بعض الأدوية مثل الأدوية المضادة للذهان ومضادات الاكتئاب اعتمادًا على أعراضه.
اقرأ أيضًا: ما هو اضطراب طيف التوحد؟
الأسئلة الشائعة:
ما هي أقل درجات التوحد؟
أقل درجات التوحد تُشير عادةً إلى اضطراب طيف التوحد من المستوى الأول.
ما هو الفرق بين التوحد و طيف التوحد؟
التوحد وطيف التوحد يشيران إلى نفس المجموعة من الاضطرابات، لكن المفهومين قد يختلفان في الدقة والتطبيق، إذ أن التوحد يصف اضطراب التوحد الكلاسيكي أو التقليدي، بينما طيف التوحد يصف مجموعة من الاضطرابات التي تشمل مجموعة متنوعة من الأعراض التي تتفاوت في شدتها كما ذُكر سابقًا.
ما هي سمات التوحد البسيط؟
وما هي علامات التوحد الخفيف؟ التوحد البسيط، أو ما يُعرف بـ”اضطراب طيف التوحد من المستوى الأول”، يتسم بعدد من السمات، إليك بعض السمات الشائعة:
- قد يواجه الأفراد صعوبة في فهم الإشارات الاجتماعية مثل تعبيرات الوجه أو النبرة الصوتية.
- قد يظهرون قلة الاهتمام بالتفاعل الاجتماعي أو مناقشة المواضيع الاجتماعية.
- يمكن أن تكون لديهم مهارات كلامية جيدة، لكن قد يواجهون صعوبة في بدء أو الحفاظ على المحادثات.
- قد لا يفهمون بشكل جيد الفكاهة أو العبارات المجازية.
- قد يظهر الأفراد اهتمامًا كبيرًا بمجالات معينة، مثل الأرقام أو العلوم أو الهوايات الخاصة.
- سلوكيات متكررة مثل حركات اليد أو الطقوس اليومية.
- يمكن أن يكونوا حساسين للضوء، أو الصوت، أو اللمس، وقد يظهرون استجابة قوية لمؤثرات معينة.
- بعض الأفراد قد يتمتعون بمهارات عالية في مجالات مثل الرياضيات، أو الفن، أو التقنية، حتى لو واجهوا صعوبات في الحياة الاجتماعية.
- يفضلون الروتين والاستقرار، وقد يشعرون بالقلق عند حدوث تغييرات في البيئة أو الروتين اليومي.
هذه السمات تختلف من شخص لآخر، وقد تتفاوت في الشدة، لكن الأفراد الذين يعانون من التوحد البسيط غالبًا ما تكون لديهم القدرة على العمل والدراسة بصورة مستقلة نسبيًا.
هل يؤثر التوحد على الذكاء؟
التوحد لا يؤثر بالضرورة على مستوى الذكاء بصورة عامة، التوحد يمكن أن يتواجد بغض النظر عن مستوى الذكاء، ويجب تقييم كل فرد على حدة لفهم قدراته وتحدياته على نحوٍ أفضل.
- بعض الأفراد الذين يعانون من اضطراب الطيف التوحد يمتلكون مستويات ذكاء ضمن النطاق الطبيعي أو فوق المتوسط.
- آخرون قد يكون لديهم إعاقة تعليمية أو مستوى ذكاء أقل من المتوسط.
هل يمكن أن يعيش المصابون بالتوحد حياة طبيعية؟
نعم، يمكن أن يعيش المصابون بالتوحد حياة طبيعية وناجحة، لكن ذلك يعتمد على مجموعة من العوامل، بما في ذلك شدة الأعراض، ونوع الدعم الذي يتلقونه، والموارد المتاحة لهم، وكذلك التفاهم الاجتماعي.
لا يوجد تعليقات